من المعلوم أنّ المستوى الذي تُدرّس فيه الأصوات والحروف هو المستوى الصفري، أو التمهيدي، أو ما قبل المبتدئ بغضّ النظر عن عمر الطالب فنحن هنا نتحدّث عن المستوى اللغوي للطّالب .
إنّ طريقة تدريس الأصوات والحروف في المستوى التمهيدي تنقسم إلى طريقتين:
الطريقة الجزئية (التركيبية):
تبدأ بالجزء وتنتهي بالكل، تُدرّس فيها الحروف بحسب الترتيب الألفبائي أو الهجائي ثم تنتقل إلى الحروف مع حركة الفتحة، ثمّ الحروف مع حركة الضمة، ثمّ الحروف مع الكسرة … تُدَرّس بطريقة الهجاء التالية: همزة فتحة أَ باء فتحة بَ وهكذا مع كل الحركات والتنوين والشدة والظواهر الصوتيّة وهذا هو الأسلوب المستخدم في الكتب القرائيّة التي ذكرناها سابقًا. عيوب هذه الطريقة: بطيئة جدًّا، مملّة، تخلو من المعنى فالحرف بذاته لا معنى له، تُنفّر المتعلّمين عن تعلّم اللغة العربيّة لأنّهم يقضون وقتًا طويلًا وهم يتعلّمون رموزًا صوتيّة لا معنى لها.
الطريقة الثانية وهي الطريقة الكليّة:
نبدأ بتعليم الكلمة قبل الجزء الذي هو الحرف أؤكّد هنا على نقطة مهمّة جدًّا: نحن نريد تعليم طالب ناطق بلغة أخرى اللغة العربية (واللغة كائن حي) ليست رموزًا لا معنى لها فقط. بل هي بناء متكامل يتكوّن من عدّة مهارات (استماع ومحادثة وقراءة وكتابة ) يربطها الحبل المتين الذي هو (القواعد) ومن أهم نقاط التوافق بين اكتساب اللغة وتعليمها للمتعلم الأجنبي (التقليد والممارسة) على سبيل المثال نحن لا نتحدّث إلى الطفل في المنزل في بداية تعلمه للكلام بالقاف والتاء والطاء وإنّما نعلّمه لفظ كلمة (قِطّة) ننطقها ونشير بها إلى الحيوان . يكرّر الطفل هذه الأصوات التي يسمعها مترابطة متلاحقة فيتعلم كيف ينطق الكلمة ثمّ ننتقل إلى الحرف..
الطريقة الكلية تعتمد على الإدراك الكلي للمفردات ككل وتبدأ هذه الطريقة بالكل وتنتقل لتحليل أجزائه نعلّم الحرف مع حركاته ومواضعه داخل الكلمة مع ربط الكلمة بالصورة ليتمكّن المتعلم غير الناطق باللغة العربية من فهم ما يقرأ واستخدام المفردات التي يتعلّمها في حياته اليوميّة وبهذا نكون علّمنا الطالب (اللغة الحيّة) واستخدمنا المدخل السمعي والشفوي والبصري في تعليم اللغة . من أهم مزايا هذه الطريقة أنّها تبدأ بما له معنى فتزداد قدرة الطالب على توظيف اللغة واستخدام الكلمات والجمل. ملاحظة: الطريقة الأولى التي تعتمد البناء من الجزئي إلى الكلي هي المُثلى في تعليم الحساب لأنه معني في عملياته البسيطة بتبيان علاقة الكل بالجزء ولذا يُبتدأ بتعليم الجزء.
والثانية هي المُثلى في تعليم اللغات لأن اللغة تُعنى بنقل الأفكار للمتلقي والأفكار مركبة. في التعليقات تجدون اقتراحات لبعض الكتب التي قدّمت الحروف والأصوات بهذه الطريقة، أيضًا رابط لقناة التلغرام التي رفعت فيها بعضًا من هذه الكتب وسيتم رفع البقية تباعًا. والله وليّ التوفيق.
وأمّا الطريقة الثالثة التي يمكننا استخدامها في تدريس الأصوات والحروف في المستوى التمهيدي هي الطريقة التوليفية.. وهي طريقة تجمع بين مزايا الطريقة الجزئيّة ومزايا الطريقة الكليّة، ومن الأسس اللغويّة لهذه الطريقة أنّها تؤمن بأنّنا يجب أن نبدأ بتعليم القراءة من خلال الجمل لأنّ معرفة الكل أسبق من معرفة الجزء ولأنّ وحدة المعنى في اللغة هي الجملة وأن الكلمة هي الوحدة المعنوية الصغرى وتطبّق هذه الطريقة على الشكل الآتي:
مرحلة التهيئة والإعداد: وفيها يتعرف المعلم على قدرات المتعلمين في محاكاة الأصوات، وإدراكهم الفروق بينها . يتأكد المعلم من إتقان المتعلمين من نطق الكلمات وفهمهم لمعانيها بعد استماعها عدّة مرّات. مثلًا: تعريفهم بأسماء الأدوات الموجودة بالمدرسة بعد استماعها وتكرارها وربطها بالصور لمعرفة معناها.
مرحلة التعريف بالكلمات والجمل: وهي مرحلة مواجهة المتعلّم للغة المكتوبة، بعرض الرمز المكتوب على المتعلّم والنطق به وهنا يقوم المعلم بتعليم وتحفيظ الكلمات السهلة (بعرض الصور الخطية لها) والنطق بها، مع إضافة كلمات جديدة في كلّ مرّة مستخدمًا البطاقات واللوحات حريصًا على اختيار مجموعة من الكلمات التي من الممكن تكوين جمل مستخدمة من خلالها.
مرحلة التحليل والتجريد: المقصود هنا تجزئة الجملة إلى كلمات والكلمة إلى أصوات الحروف ثمّ اقتطاع صوت الحرف المكرر في عدة كلمات والنطق به منفردا، حتى يثبت رمزه الكتابي وطريقة رسمه في أنظار المتعلمين وعقولهم. هذا وكما نعلم أنّه لا يوجد طريقة واحدة تناسب جميع المتعلمين ولا جميع أهدافهم وعلى المعلم أن يركّز على احتياجات المتعلّم وليس التشبّث بمنهاج أو أسلوب أو طريقة بعينها. كما أنّه من الممكن النظر إلى جميع الطرق السابقة والاستفادة من مزاياها دون أن ننظر إليها أنها طرق متناقضة.
خلاصة القول: “البداية ليست من الألفبائية”